نيروز قجو: العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي يخلق عدم المساواة بين الذكور والإناث
"العنف.. الجنس.. النوع الاجتماعي.. القوة ..المساواة... كلها مفاهيم تحتاج للشرح والتوضيح لا نستطيع فهم العنف من دون فهم المفاهيم الأخرى المرتبطة به بشكل مباشر، وقد تتعرض النساء لشتى أنواع العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي، لذلك فإن المعايير الاجتماعية التي تستند على النوع الاجتماعي تخلق حالة من عدم المساواة بين الذكور والإناث".
هكذا تشرح السيدة نيروز قجو الخبيرة في إدارة الحالات، والعاملة في منظمات مناهضة العنف ضد المرأة أهم أسباب العنف الاجتماعي عامة والممارس بحق النساء بشكل خاص، وذلك خلال حوار خاص أجري معها والذي جاء كالتالي:
ما هي أسباب العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي..؟
لانستطيع فهم العنف وأسبابه من دون التطرق لمفهومي الجنس والنوع الاجتماعي "الجندر"
تعريف الجنس:
هي جملة الفوارق الجسدية بين الذكور والإناث ، والجنس ثابت لايتغير (من دون مداخلة جراحية).
هل من الممكن إيضاح مفهوم الجنس ببعض الأمثلة؟
نعم ..
أمثلة بالنسبة للمرأة: الأعضاء الجنسية الأنثوية، الثدي ،الحمل ، العادة الشهرية، الصوت الناعم ، شكل الحوض ، الولادة، الإرضاع ...إلخ
بالنسبة للرجل : العضو الذكري، الصوت الخشن، شعر الجسم ، شكل الكتف.
هذه هي الفوارق الجنسية بين الذكر والأنثى وهي ثابتة كما قلت ولا تتغير إلا بالتدخل الجراحي، ويحددها علم الأحياء (البايولوجيا).
أما النوع الاجتماعي أو الجندر: فهي الفوارق الاجتماعية بين الذكور والإناث وتحددها العوامل الاجتماعية (التاريخ ، الثقافة ، العُرف، المعايير الاجتماعية ، الدين ) والتي تروض الذكور والإناث على أن يضطلعوا بأدوار ومسؤوليات وفرص وتوقعات وامتيازات معينة.
ومن الممكن بل من المؤكد أن تتغير التعاريف الخاصة بالجندر.. والنوع الاجتماعي (الجندر) متغير على عكس الجنس.
ماهي الأمثلة على النوع الاجتماعي (الجندر)؟
من أمثلتها بالنسبة للمرأة :ارتداء الفساتين، العمل المنزلي، تربية الأطفال، تطويل الشعر، وضع المكياج، لبس الكعب العالي، البكاء، الرقة واللطف....إلخ.
الرجل : رئيس المنزل وصاحب القرار في كل شيء، يتحرك بحرية مساءً ، تطويل الشوارب واللحية، قيادة السيارة، عدم البكاء، يكملون التعليم ، مصارعة ، كرة القدم، ...إلخ.
نستنتج من كل ما سبق أن النوع الاجتماعي يشير إلى مجموعة من المعايير الاجتماعية والسلوكية والتي تعتبر مناسبة اجتماعيا للأفراد من جنس محدد.
كيف يتعلم الذكور والإناث هذه الأدوار؟
عن طريق التربية ،المعايير الاجتماعية، والدين، العادات ،الثقافة ، التعليم.
كيف تخلق هذه التوقعات عدم المساواة بين الذكور والإناث؟
عندما تعطى القوة والسلطة للذكور فإنهم يستغلونها للإساءة إلى الإناث واستضعافهن.
ماذا يحدث للنساء إذا لم ينجزن الواجبات التي تُفهم بأنها من أعمالهن؟
بالتأكيد يتعرضن لشتى أنواع العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي، لذلك فإن المعايير الاجتماعية التي تستند على النوع الاجتماعي تخلق حالة من عدم المساواة بين الذكور والإناث.
من هنا نصل إلى السببين الرئيسين في العنف ضد النساء والفتيات:
١-عدم المساواة بين الذكور والإناث (الميراث، الحرية، التعليم...الخ)
٢- السلطة:
من خلال منح الذكور القوة والسلطة والهيمنة من دون الإناث وهذا يؤدي إلى الاختلال في الموازين ويساهم إلى حد كبير في العنف تجاه النساء والفتيات .
إذا ماهو تعريف العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي؟
العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي: هو إلحاق الضرر والأذى الجنسي ، الجسدي، الاقتصادي و النفسي بالرجال والنساء على حد سواء على الرغم من أن الرجال والصبيان يتعرضون للعنف إلا أن أغلب ضحايا العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي هم من النساء والفتيات وأغلب المرتكبين هم من الذكور.
ماهو تعريف العنف ضد المرأة تحديداً؟
عرفت منظمة الصحة الدولية WHO العنف ضد المرأة بأنه إلحاق الضرر الجنسي ، الجسدي، الاقتصادي ،والنفسي او المعاناة بالنساء ومن ضمنها التهديد بتلك الأفعال والإكراه أو الحرمان التعسفي من الحريات سواء حدث ذلك على الملأ أو في إطار الحياة الخاصة.
أي أن هدف العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي هو إبقاء الفتاة والمرأة تحت سيطرة الآخرين.
ماذا تعني كلمة القوة أو السلطة؟
الهيمنة، القدرة، النفوذ، العنف، الشدة، الهيبة، السيطرة، التحكم، المال، الطاقة، الوعي....الخ.
أي أن امتلاك القوة يعني في النهاية امتلاك السيطرة والتحكم بعملية اتخاذ القرار والموارد.
هل تعتبر القوة شيئا إيجابيا أم سلبيا؟
توجد أنواع عديدة من القوة ، ومن الممكن استخدامها إيجابيا أو سلبيا، نحن جميعا نمتلك القوة في داخلنا حتى ولو كنا لا نشعر بها في بعض الأحيان، وإن استخدام سلطتنا وقوتنا ضد شخص آخر يعتبر انتهاكا لحقوق ذلك الشخص، وإن أولئك الذين يمتلكون قدرا أقل من القوة في العلاقات هم دائما أكثر عرضة لسوء المعاملة.
هو توجد أنواع للقوة؟
نعم هناك أربعة أنواع للقوة:
١- القوة الداخلية :
وهي تلك القوة التي تنبعث من داخل أنفسنا عندما ندرك وجود القدرة المتساوية داخل أنفسنا جميعا للتأثير بشكل إيجابي على حياتنا الخاصة ومجتمعنا. فعندما نكتشف القوة الإيجابية داخلنا نضطر إلى معالجة الاستخدامات السلبية للقوة والتي توّلد الظلم في مجتمعاتنا. هذا النوع من القوة إيجابي.
٢-القوة على أو القوة ضد أو تجاه:
هي تلك القوة التي يستخدمها فرد أو مجموعة من الافراد للسيطرة على فرد آخر أو مجموعة أخرى .
تأتي هذه السيطرة من العنف المباشر أو بشكل أوسع من مفاهيم وممارسات المجتمع التي تجعل من الرحال أرفع درجة من النساء .
هذه هي القوة السلبية، وهي السلطة التي هي سبب العنف.
٣- القوة مع:
هي تلك القوة التي يتم الإحساس بها عندما يتكاتف شخصان أو أكثر سويا لإنجاز شيء لا يقدران على إنجازه منفردا .
أي أن تتكاتف قوتنا مع الأفراد والجماعات لمواجهة حالة من الظلم وبدعم إيجابي، كما هو مبين فإن هذا النوع من القوة إيجابي
٤- القوة لـ :
يقصد بها المبدأ والأفعال التي يسخرها الأفراد والجماعات لإحداث تغيير إيجابي . أي هي تلك الحالة التي يبادر فيها الأفراد وبتحضير مسبق لضمان أن يتمتع أفراد المجتمع بكافة حقوق الإنسان ولتمكينهم من تحقيق كامل طاقاتهم.
وهي ليست مجرد القدر المحدود من القوة التي هي بحوزتنا جميعا ، وإنما هنالك قدر كاف من القوة لتلبية متطلبات الجميع. وكلما ازداد مستوى القوة التي نشاركها مع الآخرين كلما زاد ذلك من سعادتنا جميعا، وهذا النوع إيجابي
فالعنف القائم على أساس النوع الاجتماعي: هو سوء استخدام القوة على شخص آخر يمتلك قدرا أقل من القوة
ماهي أنواع العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي؟
- العنف الجنسي:
ممارسة الجنس عنوةً / الاغتصاب: أن تُغلَب المرأة جسديا لممارسة الفعل الجنسي دون رغبتها.
والجنس بالإكراه -الاعتداء الجنسي- الزواج المبكر- الزواج القسري- الجنس على أساس الصفقة -رفض استخدام الواقي الذكري. وختان الإناث.
العنف الجسدي:
وهو الاعتداء الجسدي مثل الضرب ،الرفس، الخنق، البصق، القرص، اللكم، الوكز، الصفع، الحرق، الدفع، القتل. بتر أحد الأعضاء، إحداث جروح..الخ
العنف الاقتصادي:
وهو استخدام المال او الموارد للتحكم بالنساء مثل: تجريدها من حقها في العمل والاستيلاء على إيراداتها المالية، وحجب الموارد عنها كعقوبة لها، والسيطرة على حقها في ميراث والدها او زوجها ومهرها.
العنف العاطفي:
وهو سوء المعاملة اللفظية أو النفسية والإهانة والتهديدات والتحكم بالتصرفات ..وعدم الاحترام وعدم حفظ الكرامة ...الخ
برأيك هل السلطة وعدم المساواة هما فقط من أسباب العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي؟
كلا هناك عوامل أخرى، لكن السلطة وعدم المساواة هي من الأسباب الجوهرية المؤدية إلى العنف.
ومن العوامل الأخرى المساهمة في العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي:
١- العوامل الثقافية- الاجتماعية :
كالنظرة المتدنية للنساء في المجتمع ،الترويض العادات والتقاليد الاجتماعية ، العرف ،المعتقدات ،الامية والتعليم المحدود...الخ
٢-العوامل القانونية:
كالأنظمة المزدوجة، القوانين البالية، عدم الالتزام بالقوانين الدولية، عدم كفاية الأحكام الشرعية، عدم القدرة على الاتصال بالخدمات القانونية، مواقف رجال القضاء الذكورية والجهل بالحقوق والمسؤوليات.
٣-العوامل الاقتصادية:
كالاعتماد الاقتصادي ، الفقر، محدودية الفرص المتاحة وموارد الدخل، وعدم السيطرة على الموارد الشخصية.
٤-العوامل المؤسساتية:
مقلة أو عدم كفاية خدمات دعم الضحايا والبعد عن المحاكم والمؤسسات الصحية وخدمات الشرطة.
ماهي أسباب بقاء النساء في ظل علاقات سيئة؟
١-كونهن يعتمدن مالياً على أزواجهن.
٢-الخوف من أن يصبح الأشخاص المسيئين أكثر عنفاً أو إلى ارتكاب القتل في حال المغادرة.
٣-عدم دعم الأصدقاء والأسرة قرار المغادرة.
٤- الخوف من البقاء أماً وحيدة مع موارد مالية ضئيلة.
٥-تتخلل حوادث العنف فترات من الهدوء والرعاية والحب.
٦-عدم معرفتهن بمصادر التوعية والدعم.
٧-المحاذير الثقافية من الطلاق.
٨-التفكير التقليدي.
٩- قلة الموارد.
١٠-قلة فرص العمل خارج المنزل.
١١-طبيعة الاستجابة من القائمين بتقديم الخدمات ومن السلطات .
١٢_ غالبا مايكون رجال الدين والباحثين الاجتماعيين مدربين على حماية الأسرة بدلا من وقف العنف.
١٣-تعامل الشرطة مع حالات العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي على أنها مجرد "خلافات" وليس مونها جرائم خطيرة تنطوي على قيام شخص بالاعتداء على شخص آخر جسديا
١٤- ربما يحاول الشرطة عدم تشجيع النساء للمضي قدماً بتوجيه تُهم جنائية.
١٥- لايأخذ النظام القضائي حالات العنف على أساس النوع الاجتماعي محمل الجد وهذا يؤدي إلى الإفلات من الجريمة
١٦-التهديدات من العائلة أو الزوج أو العشيق.
للأسف فإن المجتمع الشرقي يعتقد بأنه من الطبيعي للرجال السيطرة على النساء ، حيث تم تهيئتهم وترويضهم بأن لهم الحق في السيطرة على النساء ويشعر الكثير بأن لهم ما يبررونه لإظهار قوتهم على النساء من خلال العنف.
ففي مجتمعاتنا ينظر إلى الأولاد والرجال على أنهم أكثر قدرا وأعلى قيمة من الفتيات والنساء وهذا يؤدي إلى اختلال التوازن في السلطة بين الرجال والنساء وهذا الاختلاف يؤدي إلى العنف.
ماهي عواقب أو نتائج العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي؟
العواقب بالنسبة للنساء :
اليأس. الإجهاد(الضغط النفسي).الإصابة بالجروح، مرض الايدز، العزلة، حالات الحمل غير المرغوب به، الالتهابات المهبلية، الاجهاض، اضطراب مابعد الصدمة، الكآبة، القلق، الوفاة.
العواقب بالنسبة للرجال هي:
الحزن، علاقات ضعيفة مع الأطفال، التعاسة، السجن، فقدان العلاقة الحميمة، تدهور الصحة، الإدمان...الخ
العواقب بالنسبة للأطفال: الكآبة، ضعف الأداء المدرسي، الخوف، عدم الثقة بالكبار، عواقب جسدية وعاطفية بعيدة المدى...الخ
العواقب بالنسبة للأسرة:
خسارة الموارد من خلال صرفها على الاصابات، فقدان الانسجام والسعادة، التوتر، تشتت الأسرة.
العواقب بالنسبة للمجتمع:
فقدان التنمية، غياب الأمن، ارتفاع أعداد أطفال الشوارع. ارتفاع الزخم الواقع على مؤسسات الخدمات الاجتماعية. تحميل المجتمعات بأعباء مالية لمعالجة حالات العنف.